إذا كنت من الآباء الذين يرغبون في مساعدة أبنائهم على النجاح في الدراسة، فلا بدّ لك من تحقيق التوازن المُناسب؛ إذ عليك أن تشارك بدرجة كبيرة في تعليمهم، وأن تفرض عليهم قيودًا ومحدّدات، لكن مع ترك شيءٍ من الحرّيّة لهم. وعليك أن تشجّعهم على جدولة أعمالهم مع توقّع ألا يتمّ تنفيذ هذه الجداول بشكلٍ كامل. واعلم أنّ مساعدة طفلك على التمتّع بخبراته الأكاديمية وتحقيقه للنجاح ليست مهمّة صعبة جدًّا كما يظنّ بعض الناس.
فيما يلي إرشادات من الخبراء، عما يمكن للآباء القيام به في البيت لمساعدة أبنائهم على تحقيق النجاح، وتهيئة كلّ ما يعين على ذلك:
يستفيد الأطفال من وجود نظام ما في حياتهم البيتيّة، ومن ذلك الاستيقاظ في وقت معيّن يوميًّا، وتناول وجبة فطور مغذّية، والاسترخاء في السرير والقراءة فيه لمدّة 20 دقيقة قبل النوم.
استعدّ ليلاً لصباح اليوم التالي، تجنّب فوضى الصباح وتخلّص من الحاجة إلى اتّخاذ قرارات في الدقيقة الأخيرة؛ إذ إنّ صباحًا سيّئًا يؤدّي إلى يوم مدرسيّ صعب وسيّئ، لذلك جهّز أكثر ما يمكن تجهيزه قبل وقت النوم، وساعد – على سبيل المثال- طفلك على اختيار الملابس التي سيرتديها، وفي تجميع كتبه وأدواته المدرسيّة في مكان واحد يرجع إليه قبل أن يغادر إلى المدرسة؛ فتجهيز حقيبة المدرسة بكلّ محتوياتها يزيد من ثقته الذاتية، ويؤثّر في تصوّرات المعلّمين عنه كمتعلّم ملتزم، وهذه الاتّجاهات بدورها تؤثّر في أدائه الدراسي.
ساعد طفلك على أن يكون منظّمًا، إنّ التنظيم يتعدّى مجرّد تحضير متطلبات المدرسة لليوم التالي وترتيبها، فالأطفال يحتاجون إلى تطوير نظام لحفظ كتبهم ودفاترهم وأدواتهم واستعادتها، ممّا يشعرهم أنّهم يتحكّمون في عوامل نجاحهم. ويُمكن هنا استعمال ملفّات تُصنّف بألوان مختلفة، حتّى يتسنى للطفل الربط بين اللون والمادّة الدراسيّة، وبالتالي إيجادها بسرعة، كما أن المحافظة على الحقيبة المدرسية مرتّبة، وتحوي كافّة المستلزمات في مكان آمن، يُساعد الطّفل في المحافظة على تطوير عادة التنظيم التي ستساعده طوال حياته بشكل عام.
هيّئ لطفلك مكانًا هادئًا لحلّ واجباته المنزليّة، ولكن دعه يقوم بذلك وحده.
إنّ تهيئة الزمان والمكان المناسبين ليقوم الطّفل بواجباته البيتية أمر أساسيّ ومهمّ، ويجب أن يكون لهذه الواجبات الأولويّة في البيت، لكن تذكّر أنّ هذه الواجبات مسؤوليّة طفلك وليست مسؤوليّتك، لذا حافظ على الهدوء في البيت في أثناء تأديته لها، كن قريبًا للمساعدة، ولكن لا تقم بحلّ هذه الواجبات؛ كأن تقول: دعنا نجلس ونكمل الواجبات. وتذكّر أنّ حلّ الواجبات يقدّم للمعلّم معلومات مهمّة عن مدى استيعاب الطّفل، لذلك لا تقم بتصحيح إجابات طفلك، إذ إنّك حينها تسيء إليه، أمّا إن شعرت أنّه يجب عليك المساعدة، فبيّن لطفلك مواطن الخطأ، ثمّ اترك له المجال ليصحّحها بنفسه.
يُمكن أن يكون التلفاز، والحاسوب، وألعاب الفيديو عوامل مشتّتة لتركيز طفلك خاصّةً في أثناء حلّ الواجبات البيتية، لذا احرص على أن يقلل من استخدامه لها أيّام الدّوام المدرسيّ على الأقل. تذكّر أنّ تأثير هذه المشتّتات أبعد من مجرّد إضاعة وقت الأطفال؛ إذ إنّها تشكّل أفكارًا تجعل المدرسة مملّة بالنسبة لهم. وتبعا لما يقوله المختصون فإنّ التلفاز يشجع الأطفال على أن يصبحوا متلقّين سلبيّين للمعلومات، ويدرّب عقولهم على تلقّي التغيّرات المتسارعة، لأنّها محفزة جدًّا، ونتيجة لذلك، يميل الأطفال إلى عدم الرغبة في المعلومات التي لا ترافقها الإثارة، كالاستماع إلى شخص يقرأ لهم أو معلّم يتحدّث إليهم.
شجّع طفلك على حبّ الاستطلاع العقلي، أشركه مثلا في المحادثات في أثناء تناول الطّعام، وشاركه أيضًا في اهتماماتك، كالمعلومات التي تعلّمتها مؤخّرًا عن تنسيق الحدائق، أو صيانة السيارة. تحدّث معه عن الأحداث الحاليّة، وعزّز اهتماماته بالعالم، لتغرس فيه حبّ التّعلم.
اسمح لطفلك بوقت فراغ، يحتاج كلّ طفلٍ إلى وقت لا يقيّده فيه شيء؛ لذلك تأكّد من توفير وقت خالٍ من الواجبات يوميًّا، ولا ترهق طفلك بأنشطة كثيرة للقيام بها بعد الظّهر. فعند عودة طفلك من يوم مدرسيّ طويل، وتكون قد حدّدت له درسًا في الموسيقى أو تدريبًا لكرة القدم، ستكتشف أنّه بقي القليل من الوقت للاستراحة، لذا عليك التأكّد من أنّ لديهِ وقتًا يجدّد فيه طاقاته. إنّ توفّر فرص اللعب غير المنظّم للأطفال، يحمي تطورهم العاطفي، ويساعدهم في التعامل مع الضّغوط والتمتّع بالمرونة.
وثّق علاقاتك مع المعلّمين، وحافظ على التواصل معهم، اكتب مثلاً رسالة إلى المعلّم في بداية السنة، تبيّن له فيها العوامل التي تدفع طفلك للتعلّم، والنواحي التي يجد فيها صعوبة، وتبدي استعدادك لسماع أيّة ملاحظات عن المشكلات التي يعاني منها طفلك.
حاول ألاّ تنتقد المعلّمين، خصوصًا أمام أطفالك؛ فإذا شعر المعلّمون أنّ الآباء ينتقدونهم، وأنّهم لا يحظون باحترام الأطفال، فإنّ ذلك سيؤثّر سلبًا في أداء الأطفال.
ركّز على الجهود أكثر من التركيز على العلامات. أظهر ثقة في قدرات أطفالك، ولا تطلب إليهم الكثير. ابدأ بنقاط القوّة، وإن كان سقف توقّعاتك مرتفعًا دائمًا، فلن يشعر طفلك أبدًا أنه جيد بما يكفي. وإذا رجع طفلك من المدرسة وكان تقرير علاماته يحتوي علامة "أ" و"ب" و "ج" فلا تقفز فورًا وتركّز على العلامة "ج"، بل ابدأ حديثك معه عن نقاط الإتقان لديه وركّز عليها، ثمّ أسأله عن شعوره نحو العلامة "ج"، وناقش سبب حصوله عليها، وهل كان ذلك أقصى ما يستطيع الحصول عليه أم أنّه بحاجة إلى بذل جهد أكثر في هذا المجال.
تعلّم كيف تتراجع، عندما تقوّم الأداء العام لطفلك، كن حذرًا بأن لا تبالغ في تقديراتك وطموحاتك؛ لذا قاوم تدخلّك المبالغ فيه في أمور طفلك، إذ إنّ المدرسة هي المسؤولة عن عمل طفلك، وليس أنت. توقّف عن القلق إن كان طفلك يبذل جهدًا كافيًا ليدخل جامعة عريقة؛ إذ إنّ محصّلة كلّ هذه الضغوط هي إشعار الأطفال بالفشل، بل يمكن أن يتحوّل الطفل الذي كان راضيًا عن مستواه المتوّسط ونجاحه التام في الحياة، إلى طفل غير قانع بمستواه المتوسّط ولا حتى مستواه الأعلى من المتوسّط، أو يتحوّل إلى طفل ممتاز لكنّه يصارع لمواجهة الضغوط والقلق.